الاثنين، 14 مارس 2016

مثلث برمودا: ما هو أصل الأسطورة وكيف اكتسبت كل هذا الغموض؟ التفاصيل:

مثلث برمودا، مثلث الموت، برزخ المفقودين… جميعنا سمعنا بذلك المثلث السحري الذي يبتلع كلّ ما يدخله ولا يترك منه أيّ أثر. فما هي حقيقة هذا اللغز؟
في البداية دعونا نتعرف على هذا المثلث العجيب! هو عبارة عن مساحة من الماء بين فلوريدا وبورتوريكو وبرمودا في الساحل الجنوبي الشرقي للولايات المتحدة الأميركية في المحيط الأطلسي، يدعي الكثير من الناس أنها ذات قوة خارقة وشريرة يمكنها جعل السفن والناس والطائرات تختفي إلى الأبد.




ما هو أصل الأسطورة؟

بدأت القصة في عام 1945 عندما خرج 5 طيارين ’خبراء’ في طلعة جوية اعتيادية  في يوم مشمس جميل كما يفترض، قبل أن يضلوا الطريق ويفقد الاتصال بهم إلى غير رجعة. يذكر أن آخر ما ورد من الطيارين كان نداء استغاثة للقاعدة، ثم لا شيء!
أما مصطلح مثلث برمودا فيرجع أول ظهور له إلى عام 1964، لكنه أصبح واسع الانتشار عندما تبناه المؤلف الأميركي المهتم بالظواهر الخارقة تشارلز بيرليتز Charles Berlitz. هذا الكاتب كان يؤمن بوجود أطلنطس، وقام بشكل ما بربط وجودها بهذا المثلث في كتابه الشهير مثلث برمودا الذي نشر عام 1974. منذ ذلك الحين توالت آلاف المقالات والكتب لتتحدث عن هذه الظاهرة وتحيطها بالمزيد من الغموض والرعب في كل مرة.

ما هي التفسيرات التي اقترحت لتفسير هذه الظاهرة؟

بنى البعض تفسيراته على ادعاءات بيرليتز، فادّعوا أن أطلنطس موجودة تحت مثلث برمودا في قاع المحيط، ويقوم أهلها بإغراق السفن والطائرات باستخدام ’طاقة الكريستال’ التي يشتهرون بها، فيما فسرها آخرون بأن المنطقة مسكونة بالفضائيين الذين يخطفون البشر لإجراء تجارب شريرة عليهم، كما ذهب بعضهم لافتراضات شديدة الغرابة، كوجود ثقب في نسيج الكون في تلك المنطقة يأخذ من يدخله إلى بعدٍ موازٍ لا يمكن العودة منه.
في الجانب الآخر، تم اقتراح العديد من التفسيرات المبنية على ظواهر طبيعية، كاندفاعات غاز الميتان القابل للاشتعال من قاع المحيط، واشتعاله بسبب البرق أو الشحنات الكهربائية، أو لعلّ السبب هو اضطراب الحقل المغناطيسي الأرضي أو تقلب التيارات البحرية! حتى هذه الافتراضات تحمل الكثير من الثغرات المنطقية لن نناقشها حالياً حتى نسأل السؤال الأهم…

هل حقاً هناك لغز؟

قبل محاولة تفسير أي ظاهرة، يجب على الخبير طرح الأسئلة الصحيحة. هل مثلث برمودا حقاً بهذه الخطورة؟
الصحفي الأميركي لاري كوش Larry Kusche طرح هذا السؤال، آخذاً على عاتقه التحقيق في قصص الاختفاء الغريبة التي نسبها بيرليتز وغيره إلى تلك المنطقة، ووجد أن القصة بالكامل قائمة على المغالطات، التحوير للأحداث وحتى الفبركة الصريحة في بعض الأحيان!
وضح كوش في كتابه “لغز مثلث برمودا – تم حله” أن معظم قصص الاختفاء ’الصحيحة’ في مثلث برمودا تم تناقلها بين الكتّاب والصحفيين دون التحقق منها رجوعاً إلى بيرليتز كمصدر أساسي، ووجد أن بيرليتز قام بخداع العامة بإضفاء جانب من الغموض على حوادث عادية حيناً، وإدراج أسماء حوادث حصلت خارج المنطقة المذكورة أحيانا أخرى، بل وصل به الأمر إلى اختلاق قصص دون أي مصدر موثوق واستخدامها كدليل على صحة مزاعمه!

نظرة منطقية

من المستحيل أن تكتسب منطقة كل هذه الشهرة والسمعة الخطيرة دون أن يكون هناك شيء من الصحة خلفها، أليس كذلك؟
بالطبع لا، فالبشر بشكل عام يميلون لتصديق التفسيرات الخارقة ونظريات المؤامرة، ربما لأنها أكثر تشويقاً، أو لأنها تعطينا شعوراً زائفاً بالأهمية. لذلك دائماً ما نجد من يميل لتصديق أكثر التفسيرات غرابة وتطرفاً لأي ظاهرة طبيعية.
بالعودة إلى البداية عام 1945، في الحقيقة كان الطيارون المفقودون مجرد مبتدئين ولا يملكون تلك الخبرة الكبيرة، إضافة لكون الطقس في ذلك اليوم أبعد ما يكون عن المشرق والجميل كما أشيع. وبالطبع فإن أهالي المفقودين سيميلون إلى نشر وتصديق إشاعة الظواهر الخارقة بدلاً من الاعتراف بإمكانية وقوع أقاربهم في خطأ ما تسبب بفقدانهم.
إضافة إلى ذلك، فالمنطقة مكتظة جداً بالحركة الملاحية البحرية والجوية، لذلك من الطبيعي وقوع عدد أكبر من الحوادث فيها.
بالرغم من دحض الفكرة بشكل كامل علمياً من قبل المختصين، ما يزال الكثير من الكتّاب يصفون الأمر باللغز الغامض أو المستعصي، أغلب هؤلاء الكتّاب من مؤلفي قصص التشويق المهتمين بالمبيعات أكثر من نشر المعرفة. لذلك من غير المستبعد افتراض أن هذه الأسطورة ستبقى حية لفترة طويلة… المهم في الأمر أن نشكك في كل شيء، ولا نقبل التفسيرات الخارقة مهما كانت مشوقة وجذابة.
  • إعداد: بشار غليوني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق